Al-Mawadda

Al-Mawadda

عيد البشارة

(٢٥ آذار)

نحتفل اليوم بعيد البشارة، ونتذكّر كيف بشّر الملاك جبرائيل العذراء مريم بميلاد السيّد المسيح. بذلك نتذكّر المرحلة الأولى للعمل الخلاصيّ الذي جاء به الربّ يسوع في تاريخ البشريّة.
إنّ العهد الجديد من الكتاب المقدّس يحتوي على أقوال تتراءى لنا فيها أعماق علاقة مريم العذراء بالله وبيسوع المسيح، وعظمة اختيارها من قِبَل الله.
١) كمال الإيمان
مريم العذراء هي مثال المؤمنة الكاملة، كَمُل فيها وفي حياتها وفي انتقالها إلى السماء الإيمان المسيحيّ والرجاء المسيحيّ والمحبّة المسيحيّة.
– إيمانها ربطها بالسيّد المسيح، مخلّص الجميع ومكمّل الإيمان، منذ طفولتها وشبابها. فإنّها عاشت مع شعبها في انتظار المسيح المخلّص.
– وعندما بشّرها الملاك بميلاد يسوع، “آمنت بما قيل لها من قبل الربّ”. ولذلك قالت لها أليصابات : “طوبى للتي آمنت …”. آمنت بكلمة الله وآمنت بقدرة الله …
– وآمنت بمحبّته للبشر … فولدت لنفسها وللبشريّة جمعاء، بل للكون كلّه، وللخليقة كلّها مخلّص البشر والعالم.
– آمنت بيسوع وبمقاصد الله على دروب البشارة … وعلى دروب الآلام، وعند الصليب … وصباح يوم القيامة.
– آمنت واجتمعت مع الرسل للصلاة انتظارًا لفيض الروح القدس.
– آمنت وتقبّلت مع الكنيسة كلّها مواهب الروح القدس الهنيّة.
– طوبى للتي آمنت … اليوم عيد الإيمان الكامل.

٢) ملء النعمة وعيد ملء النعمة
ألم يحيّها جبرائيل بكلماتٍ مليئة بمواعد الله : “السلام عليك، يا ممتلئة نعمة”؟
١. النعمة هي اشتراك في طبيعة الله وحياته. هي القدرة على معرفته ومحبّته وخدمته؛ هي الابتعاد عن الخطيئة والإثم … لذلك فالنعمة علامة الخلاص وعربون المجد الذي أعدّه الله لمختاريه.
٢. وامتلاء النعمة يعني أنّ هذه النعمة، تمّت في مريم بجميع أبعادها، على هذه الأرض وفي مماتها، وفي السماء.
– حُبل بها بلا دنس – وُلدت كاملة النقاوة – اختارها الله لتكون أمّ ابنه، ولبثت عذراء – رافقت السيّد المسيح المخلّص في مراحل حياته حتّى آلامه وفرح قيامته.
– وإنّها هي أيضًا نقلها الله من دار الموت الى دار الحياة كاملة أي نفسًا وجسدًا.
٣. وفي هذا بُعدٌ آخر : إنّ الله الذي أتمّ خلاصه في حياة مريم العذراء وانتقالها، ليؤكّد لنا أنّ خلاص الله لا ينال جزءًا من الانسان فقط، بل يشمل الانسان كلّه نفسًا وجسدًا.
– فالله يحبّ الانسان، ويحبّه كلّه : نفسه وجسده، عقله وإيمانه، قلبه ومحبّته وفضائله.
– يحبّ كياننا الأرضي : فأرضنا، وعالمنا وكلّ الكيان البشريّ واقع تحت علامة خلاص الله بالمسيح يسوع.
– هذا يشجّعنا على القيام بهمّتنا على هذه الأرض. إذ نعلم أنّ الله يبارك جهودنا في إقامة أرض أفضل، ومجتمع أفضل، وحياة أفضل.
– هذا ما علّمتنا العذراء. فلنسعَ الى أن نؤمن كما آمنت هي، ونرجو نحن كما رجَت هي، ونحبّ كما أحبّت هي.
بشفاعة والدتك الطاهرة، يا مخلّص خلّصنا جميعًا. آمين.
الأب عادل تيودور خوري